نعيش هذه الأيام على وقع رأيين متعارضين حول الإجهاض، يذكرنا بالتضارب الذي سبق أن وقع في خطة إدماج المرأة في التنمية، فمن مبيح للإجهاض وموسع لدائرته، ومن مانع له إلا لضرورة شرعية مقدرة بقدرها.
يقدم دعاة مناصرة الإجهاض أرقاما مهولة تصل إلى 220 ألف حالة إجهاض تقع بطريقة سرية، تخلف وراءها ما يزيد على 170 حالة وفاة سنويا.
- هل هذه الأرقام صحيحة؟ وإذا كانت صحيحة فعلا هل هذا يبرر إباحة الإجهاض وتغيير القانون؟.
- هل يمكن أن نبيح المخدرات ونبيح المسكرات لأنه يشرد آلاف الأسر ويقتل الآلاف؟ أم نتشدد في تطبيق القانون؟
- هل هناك من ضمان ما عند إباحة الإجهاض ووقوعه بشكل علني أن يقل، وتقل الوفيات؟ ليس من ضمان.
يقول المانعون للإجهاض إن حق الحياة أو واجب الحياة، بل ضرورة حفظ النفس لا يمكن المساس بها إلا لضرورة شرعية بضوابطها وفي محلها ومن أهلها، والحياة تكون بمجرد تلقيح البويضة.
ولماذا يا دعاة الإجهاض تقتلون نفسا بغير حق، وتطالبون بإلغاء عقوبة الإعدام من القانونللمجرمين، إن الجنين نفس كبقية النفوس ما هذا التناقض؟
ولكن المدافعين عن الإجهاض يردون بأن ليس من دليل قطعي و إلا لما اختلف الفقهاء في مدة نفخ الروح فالأدلة ظنية في دلالتها، والبويضة منذ تلقيحها فهي إنسان مجازا، بل هي مشروع إنسان، فالحياة درجات ومراتب، والحيوان المنوي نفسه يحمل الحياة، والبويضة أيضا تحمل الحياة، ولكن الحياة ليست هي الحياة الإنسانية التي تترتب عليها الأحكام.
وندخل في سجال بين المانعين والمبيحين، وبينهما أطراف تحاول التوفيق مع من هو يابس على النصوص الشرعية أخذ بحرفيتها، وجامد على آراء فقهية تقادمت فتقدست، وبين من يرى نموذجه الأعلى فلسفة غربية تتبع شبرا بشبر، بحلوها ومرها في انتظار من يحسم، لتخرس الأفواه وتصفق للرأي الأوحد.
ويذهب البعض ليظهر بمظهر الجامع للآراء والمتوسط بينها إلى إباحة الإجهاض للتشوهات الخلقية أو الجينية للجنين فيقال له: إنه نفس لها روح خلقها الله فقدرها بإرادة حرة، هي ابتلاء وعبرة وصبر، وتحمل للمسؤولية للأم، وللمجتمع، وللدولة التي هي ولية من لا ولي له.
وفي إباحة الإجهاض للتشوهات الخلقية فتح لذريعة لا تنسد، خصوصا وأن التشوهات الخلقية أكثرها غير قطعية الحدوث ويمكن تحملها.
لماذا نبدي اهتماما زائدا بجنين وهو ما يزال نطفة، ونهمل إهمالا متعمدا ومقصودا بكل أنواع القصود وليدا في نسبه، في حضانته، في تربيته، في تعليمه، من الأولى في سلم فقه الأولويات؟ أم وراء هذا الاهتمام ما وراءه؟
هل يمكن تحرير محل النزاع؟ هل يمكن تقديم قواعد جامعة ومضبوطة لا تتخلف؟ هل يمكن الحسم في ذلك؟ لا أعتقد لأننا في زمن الدخن والفتنة.
Aucun commentaire :
Enregistrer un commentaire